languageFrançais

كورال التراث الشرقي يقدم أول عروضه خارج كندا في مهرجان بنزرت

انطلقت مساء الأربعاء 6 أوت 2025 أولى محطات الجولة التونسية لكورال التراث الشرقي بكندا، وذلك في إطار الدورة 42 لمهرجان بنزرت الدولي، حيث قدّم الكورال عرضًا مزج بين الأصالة والطرب الراقي، وشكّل نقطة التقاء مميزة بين الجاليات الشرقية والفن التونسي من جهة، وبين الجمهور المحلي والعربي من جهة أخرى.

العرض الذي احتضنه المسرح الصيفي ببنزرت لم يكن مجرد حفلة موسيقية عابرة، بل أشبه ما يكون بجسرٍ فنيّ عابرٍ للقارات، جسّد شغف جالية شرقية مقيمة في كندا بالحفاظ على تراثها الموسيقي وإيصاله إلى الضفة الأخرى من المتوسط.

خلفيات عربية متنوعة

كورال التراث الشرقي، الذي تأسس سنة 2018 في مدينة مونتريال الكندية، يضم في صفوفه عشرات الهواة والمحترفين من خلفيات عربية متنوعة، من تونس، وسوريا ولبنان ومصر والعراق وفلسطين، إضافة إلى بعض الكنديين المهتمين بالموسيقى الشرقية.

يهدف الكورال منذ تأسيسه إلى إحياء الأغاني الطربية الأصيلة، والحفاظ على التراث الغنائي العربي من الاندثار في بيئة غربية، من خلال التدريب المنتظم والعروض الفنية الراقية.

ويقوده منذ انطلاقه المايسترو السوري-الكندي سبيرو داميان، الذي يتمتع بخبرة أكاديمية ومهنية في التأليف الموسيقي وقيادة الفرق، وقد أسس عبر هذا المشروع مساحة فنية نابضة في قلب مونتريال تتيح للحالمين بالموسيقى الشرقية التعبير عن ذواتهم.

زيارة تونس حلم وتحقق

المايسترو سبيرو عبّر في تصريح لموزاييك عن سعادته الكبيرة بهذه المشاركة الأولى للفرقة خارج كندا، مؤكدًا أن زيارة تونس كانت حلمًا قديمًا تحقق أخيرًا، خاصة لما تحمله من رمزية ثقافية وفنية كبيرة في العالم العربي، ولما يمتاز به جمهورها من ذائقة عالية وارتباط وجداني بالأغنية الطربية.

وقد ضم العرض في بنزرت أكثر من 50 مشاركًا بين عازفين ومنشدين، حيث تميز الأداء بتوزيعات موسيقية محكمة حافظت على روح الأغاني الأصلية، وأضافت إليها لمسة معاصرة راقية. 

الجمهور بدوره لم يكن مجرد متفرّج، بل تحوّل إلى كورال حيّ تفاعل مع كل مقطع، وردد الكلمات بحماس وشغف، في مشهد جماعي مؤثر أبرز عمق الروابط التي ما زال ينسجها الطرب العربي مع الوجدان الجمعي.

امتدّ العرض على أكثر من ساعتين، وتنوّعت فيه الاختيارات الغنائية بين المشرق العربي وتونس، حيث افتتح الكورال الأمسية بأغنية "سألوني الناس" للسيدة فيروز، مرورًا بأغاني مثل "زهرة المدائن"، و"سلم عليها يا هوا"، و"لولا الملامة"... لتنتقل الفرقة بعد ذلك إلى اللون التونسي من خلال "سيدي منصور" و"جاري يا حمودة" و"سمرة يا سمرة"، وغيرها من الأغاني التي لقيت تفاعلًا كبيرًا. 

ولم تخلُ الأمسية من وصلات جماهيرية مؤثرة مع أغنيات مثل "سيرة الحب" و"جانا الهوى"، كما اختُتم العرض بأغنية "بكتب اسمك يا بلادي" التي حملت رسالة وجدانية راسخة في حب الوطن والانتماء.

وتتواصل جولة الكورال في تونس بعرضين قادمين، حيث سيحيي سهرة فنية ضمن فعاليات مهرجان المنستير الدولي يوم الجمعة 8 أوت، ثم يتجه  لإحياء عرض آخر في مهرجان الجم الدولي يوم 10 أوت، في واحدة من أعرق المسارح الرومانية في العالم.

جولة كورال التراث الشرقي بكندا، في تونس لا تمثّل فقط نشاطًا فنيًا، بل تعبّر عن حوار ثقافي حيّ بين الشتات العربي والفضاء التونسي، وتُظهر كيف يمكن للموسيقى أن تكون لغة مشتركة، تحفظ الذاكرة، وتفتح الأفق في آنٍ واحد، علما وأن هذا العرض يأتي في في إطار التعاون الثقافي الدولي تونس كندا.


صلاح الدين كريمي